أيـن هـي الحقيــقة ؟؟...؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
العقل دائماً يبتعد عن الفكرة إذا كانت قاسية في القياس .. وتخلو من المعنى المنطقي .. وهناك ساحات هي لأهلها .. وأهلها هي غالبة بالكثرة .. وموجودة بوفرة في معظم انحناء العالم .. والسمة الغالبة لهم هي الميل إلى نوعية مفرطة في الاعتقادات الجاهلة .. دون أن يقبلوا النعت بالجهل والجهالة .. حيث اعتقادات سائدة ومتفشية عادة في أوساط أذهان توقفت عند مرحلة لا تتوسم بالعقلانية .. ثم تجمدت وأمسكت عن المزيد في التفكير .. وتشبثت بما لديها من خزعبلات وخوارق تتجافي مستحقات العقل والمنطق وحتى الديـن .. واللعنة تكمن في معضلة التمسك بشدة بمعتقدات خاطئة دون إفراط أو نقاش .. ومن هوابط الجدل أن يمارس أحدهم الإصلاح في تلك البيئة المغلقة بالجهل والجهلاء .. عوالم من المتناقضات المحيرة .. البعض يؤمن صادقاً بأخلاقيات دينية سليمة .. ومع ذلك يخالف القاعدة الشرعية ثم يتمسك باعتقادات هي قاتلة وقد تدخل في نوع من الإشراك بالله .. ومع أن فكرة الإشراك لديه أمر مرفوض جملةً وتفصيلاً .. وهو قد يقاتل باستماتة مبعداً التهمة عنه .. فإذن هو يشرك بالله دون أن يعني ودون أن يدرك المحصلة والحقيقة المهلكة .. فهو حريص على سلامة دينه وفي نفس الوقت حريص على قبول تلك الأفكار الضارة والضاربة في أعماق التخلف والجهل .
وقصص وقصص عن خوارق يتحدثون عنها .. وما أحلى نغمات تلك القصص في تلك البيئات التي تمارس تلك النوعية .. يتحدثون عن كرامات لأناس بالجملة .. كرامات قد تكون في صيغة القبول إذا كانت معقولة ولكن الأمر أبعد من ذلك كثيراً .. والسيرة فيها مبالغها أكبر من المعقول .. وإلا فكم سمعنا عن أناس هم وصلوا مراحل مقربة جداً لدرجة أن بعضهم تحدث للناس بعد دفنه في القبر .. وكان يرد عليهم عندما يلجئون إليه للاستفسار عن بعض الغيبيات !! أو يتحدثون عن ذلك ( الولي الصالح ) الذي عادة هو ممن يلبسون ثياباًً رثة قديمة بالية .. ولا يهتمون بنعم الدنيا إلا بقدر يسد الرمق .. وهو نموذج متوفر في أكثر البيئات الجاهلة .. ثم ينسبون لذلك الولي الذي هو ( ولي ) في اعتقادهم خوارقاً ما أنزل الله بها من سلطان .. ثم المزيد والمزيد عن فريات خوارق تحير العقول .. ينسبونها بقناعة فائقة .. والعلم في ذلك عند الله .. حتى أن ذلك المشار إليه بالصلاح والولاية قد يكون هو أشد الناس ابتعاداً عن الرياء أو التمثيل .. أو قد يكون هو أبعد الناس عن الصلاح والبراءة .. ولكن الناس يقولون عنه ما لا يقول وما لا يفعـل .
هناك أولياء لله صالحين ولا أحد يجادل في ذلك .. ولكن سر الأولياء والصالحين وعلمهم عند الله وحده .. فهو الذي يدرك السرائر ويعلم الغيبيات .. ويملك المقدرة في تحديد الصالح من الطالح .. ومع ذلك قصص الخوارق تتوالى .. تأليفاً من البعض أحياناً أو حدثاً يخطأ التفسير من البعض الآخر .. كم سمعنا عن ذلك الولي الذي كان في قلب مدينة كذا في أقصى الكرة الأرضية ثم فجأة بعد دقائق معدودة كان في قلب مدينة أخرى من الناحية الثانية من الكرة الأرضية بملابسه تلك الرثة !! .. ولم يتوقف عند خرقه لأمور وقياسات الطبيعة بل أكثر من ذلك يتقدم نحو أحدهم ليتحدث معه باسمه وهو لم يره من قبل !! .. أو ذلك الولي الذي لم يتقدم للسلطات لإجراءات السفر لمكة والحج .. ويكون متواجداً في بلده حتى اللحظات الأخيرة في صباح يوم عرفة .. ثم فجأة يتواجد ضمن الحجاج الذين يقفون في صعيد عرفة !!؟؟ .. أمور يتحدث الناس عنها بنوع من التلذذ والذهول .. وقصص وحكايات مماثلة .. ومنها قصة ذلك الرجل الصالح الذي يقول الناس عنه أنه تحدث مع الناس بعد موته من القبر وأوضح لهم عن مكان تواجد الأمانة التي كانت في عهدته قبل موته !! .. أو قصة ذلك الشيخ الجليل الذي جادل الناس في تحديد قبلة الكعبة للصلاة .. فلما أكثروا عليه الجدال قال لهم تعالوا وانظروا بأنفسكم فإذا بالكعبة الشريفة أمامهم عياناً وبياناً وهم في مجاهل أفريقيا !! .. وإذا حاولنا أن نسرد تلك القصص التي تماثل وتتحدث عن كرامات الأولياء والصالحين لاحتاجت المسألة إلى صفحات وصفحات .. ولكن أين هي الحقيقة المطلقة في كل ذلك ؟؟ .. وفي النهاية إذا بحث أحدهم في حقيقة تلك القصص يتوصل إلى مرحلة سمع فلان عن فلان .. وغالباً فلان وعلان في حكم المجهولين .. وتكون هناك حلقات وحلقات مبهمة ومجهولة ومفقودة في الغالب .. وقد لا يكون هناك فلان أو علان من الأساس .. وفي النهاية لا أحد يملك الجزم بالأدلة .. ثم السكوت على مضض فلا أدلة قاطعة تبرر الخوارق والكرامات التي يتحدثون عنها !!!! .. ومع ذلك فالجزم لديهم يستوجب الصدق دون نقاش أو إنكار .. وإلا فإن الباحث يكون لديهم ملحداً كافراً لا يؤمن بالله ولا بالكرامات !! .. وإذا أكثر الجدال معهم فإن الفاصلة القاطعة الأخيرة هي الاتهام ب ( الـو......... !!!! ) .. وهو نعت يجهل الناعت معناه قبل المنعوت .. لا الناعت يعلم المعنى الحقيقي للكلمة ولا المنعوت في درجة تؤهله لذلك النعـت .
ثم في خطوة جريئة أخرى ينتشر في تلك المجتمعات المتخلفة الاعتقاد بالمنفعة أو المضرة لمخلوق من مخلوقات الله .. وهو في اعتقادهم يملك المقدرة في معرفة الخفايا والأسرار .. ويملك المقدرة في توقيع المضرة للناس كما أنه يملك المقدرة في توقيع المنفعة إذا أراد .. يلجئون إليه لمعرفة غيبيات وكيديات كلها تجري من أعداء .. والأعداء غالباً في النهاية هم من أصلاب الأرحام !! .. ثم الفتنة الكبرى بين الأرحام والأقارب .. والخطوة من بدايتها لنهايتها شرك ومن الكبائر .. والذي يجادل في ذلك أيضاً هو موصوف بصفات كيفما يريدونها .. والتجرد من العواطف والمعتقدات الخاطئة هو السبيل الذي يتماشى مع العلم والدين والعقل للوصول إلى الحقيقة المطلقة .. ولكن الإنسان هو كان ومازال أكثر شئ جدلاً .
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )