"إدمان الانترنت".. أعراضه النفسية والجسدية وسبل التغلب عليه
* مع تسارع عجلة الثورة الرقمية وفي ظل التطور الذي يواكب التكنولوجيا والأجهزة التقنية، تتبادر إلى مسامعنا وبشكل يومي العديد من المفاهيم والمصطلحات الحديثة مثل التعليم الإلكتروني، الشراء والدفع عبر الإنترنت، البصمة الرقمية، المحادثات والمؤتمرات المرئية.. وغيرها الكثير من باقة المصطلحات التي نقرأها ونسمعها من قبل الأخرين..
ومع تكرار استخدامها بشكل يومي.. أصبحت هذه المصطلحات سمة عصرنا الحالي، لاسيما وأن الكثير منها حل مكان مصطلحات وكلمات كنا نستخدمها في السنوات الماضية.. كما يعد
"إدمان الإنترنت" أحد المصطلحات الشائعة في وقتنا الحالي، فما المقصود بإدمان الإنترنت؟ وماهي أسبابه وطرق التغلب عليه؟
مفهوم "إدمان الإنترنت":
يعد أول من وضع مصطلح إدمان الإنترنت Internet Addictionعالمة النفس الأميركية كيمبرلي يونغ ، باعتبارها من أوائل أطباء النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة في الولايات المتحدة منذ العام 1994.
وتتعلق ظاهرة إدمان الإنترنت بالاستخدام الزائد عن الحد الطبيعي للإنترنت، والذي يؤدي لإضطرابات نفسية إكلينيكية يُستدل عليها بمجموعة من الأعراض.
وقد تزايدت في الآونة الأخيرة الابحاث النفسية التي تؤكد على أن الاستخدام المبالغ فيه لشبكة الإنترنت يسبب إدمانا نفسياً يشبه نوعاً ما في طبيعته الإدمان الذي يسببه تعاطي المخدرات والكحول.
-مؤشرات إدمان الإنترنت:
يعتبر " إدمان الإنترنت" ظاهرة حديثة نسبيا لذا لم يصنف حتى الآن ضمن قائمة الأمراض النفسية المعروفة، حيث مازال الغموض يحيط بهذه الظاهرة، لاسيما وان أطباء النفس لم يؤكدو وجود " إدمان الإنترنت" كمرض قائم بذاته.
على الرغم من ذلك .. إلا أن هناك بعض الأعراض والتي ما إن تلحظها على نفسك ستعرف بأنك مدمن على الإنترنت ومنها:
- استخدام الإنترنت لوقت طويل جدا ومتواصل، رغم أن عملك أو دراستك لا تتطلب ذلك.
- تأثير الوقت الذي تقضيه على الإنترنت على حياتك بما في ذلك الدراسة أو العمل واستمرارك في ذلك بالرغم من العواقب.
- تشعر بأنك عصبي عند محاولتك للحد من استخدامك للإنترنت.
- اعتمادك على شبكة الإنترنت للتخلص من سوء المزاج.
-أسباب الإدمان على الإنترنت:
يعد الإعتماد على الغنترنت لتحسين مزاجك العام إدمان مثل أي إدمان آخر، لاسيما وأن الاعتماد على المصادر الخارجية يعد عامل كبير للإدمان.. فهو عبارة عن حالة من الإعتماد الكلي على عامل خارجي من أجل الشعور بالسعادة أو للهرب من المزاج السيء.
من ناحية أخرى، قد يكون السبب الحقيقي وراء إدمان بعض الأشخاص على استخدام الإنترنت يرجع إلى مجرد الحاجة لتنشئة علاقات اجتماعية، وذلك عن طريق اللجوء على غرف الدردشة وبرامج المحادثة الالكترونية على شبكة الإنترنت بشكل مفرط.
كما قد يلجأ البعض للإفراط في استخدام الإنترنت للهروب من مشاكلهم ومحيطهم العائلي.. فهؤلاء الأشخاص لا يواجهون مشاكلهم عادة ، لذلك فإنهم يستخدمون الإنترنت من أجل نسيانها تماما كأي نوع من الإدمان.
-إدمان المواقع الإجتماعية:
يعد الإدمان على المواقع الإجتماعية كالفيس بوك وتويتر وغيرها من المواقع من أشهر أنواع الإدمان على الإنترنت، حيث يبدأ الشخص بالدخول على هذه المواقع مثل أي شخص عادي ولكنه يتحول بعد ذلك إلى مدمن.
ويظهر تأثير مثل هذا النوع من الإدمان على سلوكيات الشخص وحياته بشكل عام.. فتراه يهمل دراسته أو يقصر في عمله بسبب الدخول على حساباته في مثل هذه المواقع والحصول على التحديثات من وقت لآخر.
كما أن الشخص المدمن يجد صعوبة في الخروج من حسابه وإغلاق الموقع.. أما الأسباب الرئيسية لإدمان المواقع والشبكات الاجتماعية فتكمن بـ:
-عدم تحقق الإحتياجات الإجتماعية :
يقول الخبراء حاول أن لا تأكل أو تشرب لمدة 10 ساعات متواصلة ، ثم حاول في بداية الساعة الحادية عشرة أن تقوم بعمل شيء ما.. فستجد نفسك على الأرجح غير قادر على فعل أي شيء إلا إذا كنت تأكل وتشرب.. هل تعرف لماذا؟ لأنك في حاجة ملحة إلى الغذاء والماء، لأن لديك احتياجات غير ملباة فيما يتعلق بالغذاء والماء.
وهنا يؤكد الخبراء أن الشيء ذاته ينطبق على العلاقات الاجتماعية.. فباعتبارك غير راض عن علاقاتك الاجتماعية الحالية ، يجعلك ذلك في حاجة ملحة إلى شريك يجعلك تحرص على توسيع العلاقات الخاصة بك.. وكل هذه أمثلة على الاحتياجات الاجتماعية التي لم يتم تلبيتها مما يؤدي بك إلى الأدمان على ما يسد النقص ويلبي الاحتياجات.. وتذكر أن وراء أي نوع من الإفراط بشيء ما هناك حاجة لم يتم تلبيتها لديك.
-الاعتماد على الآخرين :
هناك بعض الأشخاص يحتاجون إلى الشعور باهتمام الآخرين من حولهم ويحتاجون أيضا إلى الشعور بالحب .. لذا تشعر هذه الفئة دوما بالإحباط إذا كانوا وحيدين أو عندما يرفضهم من حولهم.. وهذا مثال على اعتماد الشخص على الآخرين من أجل الاستمرار والعيش بسعادة. ويكمن السبب الحقيقي لهذه التبعية بعدم رضا الشخص عن وضعه الحالي لذا تجده يحتاج دائما إلى أشخاص آخرين عبر شبكة الإنترنت لملء حياته ومساعدته على نسيان المشاكل المحيطة به .. والتي باعتقاده ليس لها حل.
-الإنترنت وسيلة للهروب من مشاكلك:
يعد الهروب من المشاكل وتجنب اتخاذ القرارات أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الإنسان إلى اللجوء إلى المخدرات هربا من مشاكلهم.. على حد قولهم ، بل إن مجرد التفكير في كونهم غير قادرين على مواجهتها، يجعلهم يلجأون إلى المخدرات لنسيان الفوضى التي يعيشون فيها. الشيء ذاته.. يمكن أن يقال عن مواقع الشبكات الاجتماعية فبعض الاشخاص يفضلون الاختباء وقضاء الكثير من الوقت في مثل هذه المواقع من أجل تجنب مواجهة تحديات الحياة الحقيقية.
ما الذي يشغلك غير الإنترنت؟
إذا لم يكن لديك ما يشغلك غير تصفح الإنترنت والشبكات الاجتماعية فهذه مشكلة حقيقة، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا.. ماذا كنت تفعل قبل ظهور هذه التكنولوجيا؟ إذا كان الجواب لا شيء؟ ننصحك بالتفكير مجددا بهذا الموضوع وحاول أن تضع أهداف حقيقة لحياتك..
-طرق للتغلب على إدمان الإنترنت:
يشكل الإنترنت دورا مختلفا في حياة كل منا، لذا فإن أول وسيلة للتخلص من الإدمان على الإنترنت تكمن في معرفة أهمية الإنترنت بالنسبة لك والدور الذي يشكله في حياتك..
فعلى سبيل المثال، يمكن أن يحل الإنترنت بديلا عن التعامل الاجتماعي مع الآخرين وجها لوجه لدى الأشخاص الخجولين، حيث يمكن للدردشة مع شخص مجهول في غرف الدردشة أو على مواقع الشبكات الاجتماعية أن تسمح للشخص الخجول بالتفاعل مع الآخرين دون الحاجة للمواجهة الفعلية مع الشخص الآخر.
كما يمكن أن يكون الإنترنت أيضا متنفسا للأشخاص الوحيدين أو الذين يشعرون بالملل ، حيث يعطي الإنترنت فرصة لتصفح مجموعة واسعة من الخيارات الاجتماعية والترفيهية والتي لا تنتهي أبدا.
عندما يبدأ الإنترنت بملء الفراغ في حياتك بهذا الشكل ، فستبدأ حتما بقضاء وقت أكثر وأكثر على ذلك إلى أن يتداخل الأمر مع علاقاتك الحقيقية والمسؤوليات الملقاة على عاتقك، فضلا عن تأثيره على عملك ونجاحاتك.
-تقليل الوقت الذي تقضيه يوميا على الإنترنت:
إذا كنت مدمنا على استخدام الإنترنت.. فإن ذلك لا يعني بالطبع أنه لا يمكنك استخدامه مرة أخرى، بل بمقدورك تصفح الإنترنت من وقت لآخر.
حيث يمكنك التعامل مع هذه المشكلة عن طريق تحديد مقدار الوقت الذي تقضيه على الإنترنت، ولمساعدتك على ضبط الوقت يمكنك استخدم جهاز توقيت لتنبيهك عند انتهاء الوقت المحدد لتصفح الإنترنت.
كما ننصحك أيضا بوضع قائمة بالمواقع الإلكترونية الضروية فقط والتي يمكنك زيارتها ضمن الأوقات التي حددتها مسبقا.. التزم بهذه القائمة ولا تتردد في طلب المساعدة من العائلة والأصدقاء اثناء سعيك للتخلص من إدمان الانترنت وذلك عن طريق السماح لهم بمعرفة ما تفعله وطلب مساعدتهم لضمان تصفحك الإنترنت بشكل غير مبالغ فيه.
-البحث عن أنشطة بديلة :
إذا كنت تستخدم الإنترنت كبديل عن التواصل الاجتماعي، ننصحك البدء بإنشاء علاقات اجتماعية حقيقية في حياتك.. حتى لو كنت خجولا ، يمكنك أن تبدأ وبشكل تدريجي بذلك من خلال تعزيز انشطتك الاجتماعية كالانضمام إلى مؤسسة تطوعية تهتم بالايتام ـو كبار السن على سبيل المثال.
وتذكر أنه كلما استبدلت أنشطة الإنترنت الخاصة بك بأنشطة حقيقية على أرض الواقع .. سيقل حتما إدمانك على استخدام الإنترنت مما يمكنك من العودة لممارسة حياتك بشكل طبيعي.